المقاس: 17×24
عدد الصفحات: 108
الغلاف: غلاف سلوفان
هذا الكتاب: مما لا شك فيه أن خللاً كبيرًا قد أصاب البنيان الأسري في المجتمعات العربية على اختلافها, ومردّ هذا الخلل يرجع – كما تؤكد الإحصائيات – إلى تفشي ظاهرة الطلاق بشكله الجائر، وما ينشأ عن ذلك من ضياع للحقوق، وفساد في العلاقات، وحرص كلا الطرفين- الزوجة والزوج – على الانتقام من الطرف الآخر وبكل طاقته، مع غض الطرف في أحايين كثيرة عن مردود ذلك على حاضر الأبناء ومستقبلهم.
ولأن المرأة – شئنا أم أبينا – هي الطرف الأضعف والمفعول به في قضية الطلاق، بصورته التطبيقية في مجتمعاتنا التي لا تزال تعيش بعقلية أنه مادام الطلاق حقا للرجل ؛ فإنه وحده هو صاحب القرار فيه، ولا يحق لأحد تقييد سلطته في استخدام هذا الحق، مهما أفرط في سوء استخدامه أو تعسف وتعدى وظلم. وكأننا في مجتمعات ما قبل القوانين، ولا نعرف نظرية "التعسف في استعمال الحق"، وآثارها القانونية والعقابية، بل وكأننا في مجتمعات ما قبل الإسلام، المؤسس بقوة لهذه النظرية القانونية التي توافرت نصوص الكتاب والسنة على التأسيس لها في الشأن العام، وفي الشأن الأسري تحديدًا، سواء في ذلك النصوص التي أسست للشأن الأسري من ناحية البناء (الزواج) أو الهدم (الطلاق)؛ فالخطاب فيها جميعًا جاء مقاصديًا بالدرجة الأولى؛ بحيث تصان الحقوق ولا تهدر ؛ ومن ثم فإن أي جور يقع على أي طرف من الأطراف يكون تعديًا وإساءة وظلمًا، ومخالفًا لقصد الشارع من التشريع، وللمجتمع حينئذ إذا فشا فيه هذا الجور أن يأخذ على يد المعتدي والمسيء والظالم بسلطان القانون، (وإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن).
من هذا المنطق جاء هذا البحث؛ بهدف تجلية حقيقة موقف الشريعة الإسلامية من قضية تقييد سلطة الزوج في إيقاع الطلاق، وهل يمكن سنّ تشريع يحظر على الزوج إيقاع الطلاق إلا أمام القاضي – حفظًا للحقوق ومنعًا للتشاحن والظلم؟ وهل لذلك مستنده من الشريعة أم لا؟
الطلاق أمام القاضي في ضوء ضوابط تشريع الطلاق ومقاصده